صحراء نيوز - أجرى الحوار : أوس رشيد
اجـــــــــرت صحراء نيوز حوار صحفى حصري مع المعطل مهند نصر الله كشف فيه عن كواليس و أبعاد المعارك النضالية التي خاضها ، وواقع مدينة طانطان و أفاق العمل الحقوقي النبيل .
1 – كيف تقدم نفسك للقارئ الذي لم يعرفك بعد عن قرب؟
معطل ابن الشعب من مواليد 1987 بالرباط ، حاصل على شهادة الإجازة في الحقوق بجامعة ابن زهر سنة 2009 ، ترعرعت بمدينة طانطان و درست فيها من الأولى ابتدائي إلى غاية حصولي على شهادة الباكلوريا ، عائلتي تقطن بهذه المنطقة الصامدة ، التي اعتز و افتخر بانتمائي لها .
2- ماذ تعني لك إذن مدينة طانطان ؟
طانطان هي الماضي و الحاضر و المستقبل ، رغم أن واقعها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي يجعل منها عاصمة التهميش في الصحراء ، نتيجة السياسة العرجاء المنتهجة فيها و التي تقتات عليها في ظل النظام الحالي لوبيات الفساد بتؤاطو مع السلطات المركزية ، ويتجلى ذلك في الحقائق الميدانية من قبيل انعدام بنية تحتية ، و انقطاع الماء ، ومستشفى منكوب .. مما يجعل شروط الحياة الضرورية للحياة الكريمة غير متوفرة ، وقد تكون مدينة ادلب السورية وسط القصف أفضل حال من هذه المدينة المغربية ، و من مؤشرات غياب التنمية تربع طانطان منذ سنوات على قائمة المدن الأكثر معدل في البطالة مما يخلق ظواهر اجتماعية خطيرة من قبيل الإدمان على المخدرات و الدعارة و العزوف على الزواج علاوة على السخط و التذمر في صفوف الشباب.
3- عرف مهند نصر الله من خلال المسيرات مشيا على الأقدام من طانطان إلى الرباط للاحتجاج وطلب اللجوء الاجتماعي من مدينة سبتة المحتلة ، ماهي الدوافع الحقيقية وراء ذلك ؟
النزوح عن مدينة طانطان جاء نتيجة عدة تراكمات نضالية سواء على المستوى الجامعي في صفوف التيار التقدمي و بعده على المستوى المحلى بعد العودة إلى الطانطان ، إذا دشنت مع مجموعة من الرفاق معارك نضالية محلية الهدف منها الأول هو انتزاع الحق الطبيعي و الكوني في الشغل و الكرامة ، و بعد أزيد من خمس سنوات من القمع ومصادرة حقنا في الاحتجاج السلمي وبفعل تبنى السلطات للمقاربة الأمنية لإقبار حركة المعطلين ، قررت الخروج بشكل فردي في معارك نضالية نوعية و على رأسها مسيرات على الأقدام ، مع إيماني الراسخ بأن النضال الجماعي المؤطر ووحدة صفه في جسد واحد هو الخيار الاستراتيجي الوحيد الانتزاع كافة حقوقنا الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية.
4- فكيف تعاطت السلطات خارج أقيم طانطان مع مسيراتك النضالية الغير مسبوقة ؟
المسيرات لم تكن نزهة بل كانت معاناة أخرى قدمت فيها تضحيات جسام ودفعت فيها ضرائب نضالية على مستوى صحتي ، فمازلت لحد الساعة أعاني من تداعياتها ، أم بخصوص تعامل السلطات فكان عنوانها الأبرز التجاهل و القمع و الاعتقال ،.
5- لاشك أن المسيرات التي قطعت فيها ألاف الكلوميترات مشيا على الأقدام تحمل العديد من المواقف و الأسرار ، هل يمكن أن تكشف عنا لقراء الجريدة ؟
أول الخلاصات التي خرجت بها وهي غير ملزمة ، وقد أكون مخطئا فيها ، حول بعض فروع الهيئات الحقوقية و السياسية المغرب ، التي لمست و وقفت عن كثب على ارتكابها انتهاكات جسيمة في حق العمل الحقوقي و النضالي الشريف ، بل إنها تتأمر على نضالات الجماهير الشعبية ، بفعل علاقاتها القوية مع الأجهزة الأمنية ، وأدعوا من هذا المنبر الحر إلى تطهير الإطارات الحقوقية و الحزبية التقدمية من المتطفلين و المخبرين و المدسوسين.
و في هذا السياق لا أريد التطرق إلى المشهد الحقوقي بمدينة طانطان ، غير أنني أكشف لكم عن مقاطعتي لبعض الجمعيات الحقوقية التي جمدت نفسها منذ تاريخ تأسيسها السري ، لأنها تخدم أجندة مخزنية مكشوفة للقاصي و الداني ، و تسترزق باسم العمل الحقوقي ، و تجدر الإشارة إلى أنني لمست اختراقات لعدد من الفروع الحقوقية و الحزبية التقدمية ، وكمثال وخلال مسيرة الكرامة بأصيلة ، وقبل وصولنا إليها اتصلنا بشكل مباشر مع مناضلين ، وبعد ترتيب خطة الاستقبال ، فوجئنا فور وصولنا و نحن في تعب شديد ، و صائمون في شهر رمضان ، بهواتف مقفلة لكل الأشخاص الذين برمجنا معهم ، ليتركونا لقمة صائغة للمخزن و الجوع و العطش ، وهكذا بتنا في العراء .
ومن الأحداث المؤلمة التي لازالت لم تفارق مخيلتي ، ماعشناه في بداية المسيرة بمنطقة " مير اللفت " حيث عمدت السلطات المحلية إلى محاصرتنا ، و هددوا كل التجار بعواقب وخيمة إذا باعوا لنا أي سلعة بما فيها الخبز ؟ و أمام وطئة الجوع اضطررنا إلى إتمام المسيرة ليلا هروبا من تلك المنطقة التي تشبه المعتقلات السرية .
6- هذا بالنسبة للجانب المظلم ، ماذا عن الشرفاء الذين صادفتهم مسيرة الكرامة ؟
أينما وجد فرعون يوجد موسى ، فمن خلال المسيرات وجدنا العديد من الشرفاء وسط هذا الشعب ومناضليه الذين يرفضون العبودية المختارة ، ومنهم نشطاء في إطارات حقوقية وحزبية تقدمية و منهم أبناء الشعب ، إذا شهدت كل المسيرات تعاطف واسع من طرف الجماهير في مدينة وقرية و لولاهم لما نجحت مسيرة الكرامة في إيصال رسالتها المدوية ، كما أن هذه الجماهير استنكرت سياسة الدولة المتبعة في إقليم طانطان ، مع العلم أن المعاناة يتقاسمها كل إنسان و معطل على خريطة هذا الوطن الجريح ، ففي " سوق السبت " خرجت الساكنة عن بكرة أبيها لاستقبالنا ، وفي اليوم الثاني خرجت نفس الساكنة في مسيرة على الأقدام نحو قصبة تادلة من اجل المطالبة بحقوقها ، فقد كانت المسيرة التي خرجت من الطانطان نبراسا لهؤلاء المسحوقين . وغيرهم في عدة مناطق لان رسالة مسيرة الكرامة عنوانها يقوم على أن النضال هو الحل .
7- من خلال متابعنا لمسيرتك النضالية ، تحدث اغلب المتابعين عن حفاوة الاستقبال الذي حظيت بهم في مدينة أسفي ، كيف تصفون تلك اللحظة التاريخية ؟
صراحة لازلت أتذكر بشكل مستمر تلك الملحمة البطولية التي سجلت بمداد من ذهب على يد معطلي أسفي ، أسفي الحضارة و النضال و الصمود ، و هذا يؤكد أن أسفي قلعة الصمود و التحدي و عنوان للتكتل و الوحدة في صفوف حركة المعطلين .
ومن خلال منبر صحراء نيوز اشكر كل مسفيوي و مسفيوية على ذلك الاستقبال الحار بالورود و التمر و الحليب و الشعارات النضالية الثورية القوية التي زعزعت مقر ولاية عبدة دكالة ، فلازال الكثيرين يسألونني عن معطلي أسفي و عن أحوالهم و نضالاتهم .
8- ماهي المشاريع النضالية المستقبلة لمهند نصر الله ؟
بما أن الوضع كما هو عليه و حقوق المعطلين مهضومة ، فالمسيرات النضالية ستستمر وستحمل الكثير من المفاجأت.
9- كلمة أخيرة
وطنيا أقدم خاص الشكر لكل من ساندني في مسيرات النزوح و الكرامة من جماهير شعبية و هيئات حقوقية و سياسية و على رأسها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، حزب اليسار الاشتراكي الموحد ، حزب النهج ، حزب المؤتمر الاتحادي ، حزب الطليعة و بعض الفصائل الطلابية التقدمية .
وعلى مستوى مدينة طانطان أشكر كل الساكنة سواء من دعم المسيرة أو لم يفهم رسالتها ، و أشكرا بالخصوص شباب التغيير طانطان ، وحركة 20 فبراير طانطان ، و كل أصدقائي الذين ساندوني ، كما اشكر منبركم الحر صحراء نيوز الذي واكب المسيرة و لازال .