بدون مقدمات .... إذا صح الخبر أدناه، فإن صفقة إنجاز برنامج تنمية جهة كلميم واد نون، ليست إلا واحدا من أبشع أوجه تبذير المال العام وإهداره.
يا هؤلاء القوم على من تضحكون، الجميع يعلم أن جهة كلميم واد نون من أكثر جهات المغرب عوزا وبطالة، تعاني من تخمة الهشاشة في الاقتصاد والسياسية والمجتمع، فكيف يسمح لكم ضميركم - إن لكم فعلا وإن كانت فيه ذرة حياة-، بتحميل ميزانية أفقر جهة بالمملكة المغربية تكلفة تتجاوز 1.400.000.000 سنتيم من أجل إنجاز أغلى برنامج تنمية جهوية؟
كفاكم استخفافا بنا وكفاكم عبثا بالمال العام، القاصي والداني، وكل مبتدئ في تدبير الشأن العام، يعلم أن ما يسمى في قاموس الجماعات الترابية ببرامج تنموية ليست في النهاية سوى تجميع وإعادة ترتيب -تركيب- إحصائيات ومعطيات موجودة ، متفرقة ومتناثرة لكنها متوفرة لدى المصالح الخارجية بالجهة، ويكتفي أطر مكاتب الدراسات بإخراجها في قالب فني مبهر شكلا وفقير مضمونا في أغلب الأحيان إلا من رحم ربك من مكاتب الدراسات التي في الحقيقة تعتمد بشكل كبير على موظفي الجماعة الترابية المعنية بإعداد البرنامج التنموي الخاص بها، بما يعني "من لحيتو لقمو ليه".
ألم يكن من باب المسؤولية، حريا برئيسة جهة كلميم واد نون الاكتفاء بتحيين برنامج التنمية الجهوية القائم وهي من أشرفت على إعداده وصادق عليه مجلس الجهة نهاية سنة 2019. فهل انتهت صلاحية هذه الوثيقة التي لا يتعدى عمرها السنتين؟ ثانيا هل استنفدت رئيسة جهة كلميم واد نون كافة المشاريع التنموية المضمنة في برنامج تنمية الجهة الذي تجاوزت تكلفة مشاريعه 890 مليار سنتيم؟ حتى تكون هناك حاجة ماسة لإعداد نسخة جديدة تعد الأغلى والأكثر كلفة بالمغرب من ميزانية أفقر جهة بالمملكة، وفي زمن الأزمة حيث تئن المالية العمومية ولا تتحمل مثل هذا البذخ في الانفاق العام؟
فهل تكتفي مؤسسات الدولة ومنها وزارة الداخلية -باعتبارها الوزارة الوصية- بدور المتفرج على ممارسات تكرس القبح السياسي، ويرسخ مقترفوها صورة سلبية لدى عموم الناس مفادها أن السياسة -تدبير الشأن العام- ليست سوى مجال لتبادل الصفقات والمصالح بين الأقارب عائليا وسياسيا، وأنها أداة لتبييض الكسب غير المشروع؟
الواجب الأخلاقي والسياسي، يفرض على رئيسة الجهة التواصل مع عموم الساكنة، مع أولئك الذين أعمى بصريتهم بريق شعار تستاهلو حسن، من أجل الإقناع بصوابية اختيارها لمكتب دراسات ليس لأنها تتقاسم مع رئيسه نفس الانتماء السياسي، إنما لتوضيح سبب منحه الصفقة علما أنه لا يستحقها، وليس الأحق بها وفق مقتضيات قانون الصفقات العمومية، حيث يظفر بالصفقة صاحب العرض الأقل كلفة، أم أن المال العام " سايب " وليس له رب يحميه، وبالتالي لا حاجة للسيدة الرئيسة بالحرص على ترشيد إنفاقه.
عبد الهادي بوصبيع
سياسي ومستشار سابق بجماعة الطانطان