نظمت المحكمة الابتدائية بالطنطان، اليوم الثلاثاء، يوما دراسيا بالتزامن مع تخليد اليوم الوطني للسلامة الطرقية، تحت شعار " مدونة السير بين الواقع و الآفاق" ، بحضور المصالح الأمنية و رئيس جماعة الوطية و رئيس جماعة طانطان و مندوب التعاون الوطني و هيئة المحامين و فعاليات المجتمع المدني ورجال الإعلام .
و أكد يونس الحيان، وكيل للملك بالمحكمة الإبتدائية بطانطان، في كلمته أن اليوم الدراسي فرصة لمساءلة مدونة السير حول مدى نجاعة المقتضيات الزجرية في تدبير السلامة الطرقية ، و رصد المجهودات التي يبذلها مختلف المتدخلين في منظومة السلامة الطرقية ، للحد من حوادث السير في أفق اعتماد مقاربة اجتماعية و استباقية متكاملة الأركان .
وقال فيصل لعموم، رئيس المحكمة الابتدائية بطانطان ، أن الإجراءات التحويطية يجب أن ترافق مع حملة تحسيسية متواصلة مع الإعلام و المجتمع المدني .
بينما شدد ممثل الأمن الوطني في كلمته على أهمية الاحتفاء باليوم الوطني للسلامة الطرقية كمحطة مهمة و مناسبة سنوية لتقييم العمل الجماعي و تثمين المكتسبات ، و إعطاء انطلاقة للبرامج المستقبلية في إطار الإستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية 2017- 2026 .
و من جانبه ، قال ممثل الدرك الملكي أن الكلفة الاقتصادية و الاجتماعية لحوادث السير تبقى ضخمة و تقتل سنويا 3500 مواطن و مواطنة و تخلف 12000 جريح ، وهو ما يشكل عبئ جديد على المنظومة الصحية و يخلف معاناة أسرية مستمرة .
و طالب المتدخل في عرضه بالتعبئة العامة لتقليص عدد القتلى إلى اقل من 50 % سنة 2026 ، خصوصا مع الرفع من الاستثمار في البينة التحتية و الطرق السريعة و على رأسها المحور الطرقي تيزنيت - العيون .
و كشف ممثل الدرك الملكي تسجيل 89 حادثة سنة 2021 على المستوى المحلي بإقليم طانطان (09 حوادث مميتة و 09 حوادث خلفت جروح بليغة و 71 إصابة خفيفة) .
و أكد المتحدث أن جهاز الدرك بإقليم طانطان وضع نقط مراقبة و كتف الدوريات في النقط السوداء ، بتوظيف كل الآليات و الأجهزة التقنية و اللوجستيكية ، ليتم ضبط عدة مخالفات تكشف في مجملها انعدام حس المسؤولية لدى بعض السائقين ، و الإفراط في السرعة الذي يعطل القدرة في مواجهة الموقف القاتل ، إلى جانب تناول المخدرات أثناء السياقة .
و تبقى الحلول العملية حسب تعبيره ، هي تنظيم حملات التحسيس على وسائل الإعلام وبث برامج مدرسية في التعليم الأولي و دورات تحسيسية و توعية للسائقين ، و الهدف العام هو زرع بدور التغيير في مختلف الفئات العمرية و المساهمة جدية من كل المواطنين للحد من حرب الطرقات .
وفي خضم الجدل القائم حول مدونة السير أكد ، فيصل لعموم رئيس المحكمة الابتدائية ، أن الأمن القانوني هو الذي يصنع الأمن القضائي ، فأي تشريع يوضع مبدئيا ليطبق تلقائيا ، ومن يحرك نواقص التشريع هو الممارسة في الواقع التي تظهر العيوب على سبيل المثال المادة 316 من مدونة السير إلى جانب غموض بعض النصوص ..
ويضيف رئيس المحكمة الابتدائية أن القضاء هو الكفيل بتجاوزها من خلال اجتهاداته ، خصوصا أن مدونة السير أتت بمفاهيم جديدة لتصنيف المخالفات و الجنح .
بينما تطرق يوسف شرف نائب وكيل الملك للصورة العامة القانونية لحوادث السير بإقليم طانطان حيث أشار الى ارتفاع معدل حوادث السير .
و أكد على أهمية اعتماد أداء المخالفات الطرقية بالبطاقة البنكية لتسهيل المعاملات و نشر ثقافة طرقية عصرية .
وحذر نائب وكيل الملك من السياقة البهلونية في الشارع العام ، بعدما شخص العقوبات القانونية الجنائية التي تقع تحت طائلتها .
و كشف ممثل وزارة و النقل و اللوجستيك و الماء أن الوضع حسب الإحصائيات الرسمية لا زال مقلقا ، خصوصا أن نتائج الشطر الأول من الاستراتيجية الوطنية ( 2017-2021 ) لم يلبي التطلعات ، و طرح سؤالا من قبيل هل مدونة السير حل أم معضلة ؟
ليكشف في مداخلته ، أن 10 قتلى يسقطون يوميا في حرب الطرق بالمغرب ، و يصاب 10.000 سنويا بعاهة مستديمة ، بينما الخسائر المادية السنوية تقدر ب 1.6 مليار دولار .
و اعتبر المتحدث ذاته ، رئيس جمعية الحياة للسلامة الطرقية ، ان العامل البشري يتسبب في 90 % من حوادث السير ، مما يتطلب تدخل صارم في تصحيح سلوك السائقين في إطار قانوني، يهدف إلى نشر ثقافة الاستعمال السليم للطرق .
و اعتبر آليات التنقيط في رخصة السياقة مدخل مهم في مجال الإصلاح ، و ثمن تحديد العلاقة بين الإدارات العمومية في تنظيم المخالفات الإدارية للحد من حوادث السير في إطار هذه الترسانة القوية .
و أضاف المتدخل ، ان حوادث السير تمص 2.5 من الناتج الداخلي الخام للمملكة.
و من جانبه أكد القاضي البشير بوتوميت أن السلطة القضائية لها سلطة تقديرية في الإدانة بالغرامة أو العقوبة السجنية ، و شرح بالتفصيل العقوبات المقررة في الحوادث المميتة و الحوادث التي تخلف عاهات مستدامة و الجروح الخفيفة .
وبالنسبة لحماية الضحايا و صيانة حقوقهم تطرقت الندوة خلال المناقشة إلى مرحلة قانون 1986 الذي خول سلطة تقديرية واسعة للقاضي لتحديد استحقاق المستفيدين من التعويض و مقداره ، لتتم رفع توصية لمراجعة الظهير الذي لم يعد يواكب لا ارتفاع مستوى المعيشة ولا متطلبات الحياة الحالية لتحقيق التوازن و حماية الضحايا في ظل سطوة وجشع لوبي التأمينات.
من جانبه أشار المحامي للمحكمة الابتدائية بطانطان الدكتور عبد الله جعوف الى إشكالية المسؤولية القضائية و الجنائية لصاحب العربة عند بيعها و عدم تحيين وثائقها ، بينما شدد ممثل الأمن الوطني إلى ضرورة عقد التزام بين البائع و المشتري لإبراء الذمة من أي مسؤولية لاحقة .
بينما كشف ممثل وزارة التجهيز و النقل و اللوجستيك و الماء إلى وجود موقع الكتروني خاص بالنقل يتم فيه وضع ترقيم السيارة لكشف قابليتها للبيع بدون مشاكل ، إلى جانب إمكانيات تحميل عقد البيع لتحويل المخالفة من البائع إلى المشتري من جديد .
وشكل هذا اللقاء مناسبة للمشاركين لتناول دور المجالس المنتخبة في الحفاظ على السلامة الطرقية و مكافحة النقط السوداء للحوادث ، إلى جانب دور الإعلام و المجتمع المدني في بناء ثقافة الوقاية و الشعور بالمسؤولية و احترام الراجلين وضمان تكامل بين جميع أجهزة المراقبة الطرقية.
ورفعت عدة توصيات منها إعادة تشغيل الإشارات الضوئية بإقليم طانطان ، ووضع تصور مشترك في كل المؤسسات المعنية لتقديم قيمة مضافة للسلامة الطرقية .