صحراء نيوز - طانطان
كثر الحديث خلال هذه الأسابيع عن عبقرية المجلس الاقليمى لطانطان الذي زف إلينا من خلال إحدى دوراته العادية عن مدى اهتمامه بالموروث الثقافي لأهل الصحراء و ذلك بتفضله بالتفكير في إعادة الوعي لذاكرة الصحراء ، حيث قرر ترميم و إصلاح معلمة ( الأنوار ) المغروسة في واد بن اخليل ، و هي عبارة عن سفينة (باطو) بدأت تتآكل وتندثر بحكم التعرية و الأمطار و الرياح الموسمية ..
ذلك أنه و وبعد شعوره ، إنطلاقا من الثقافة المسؤولة بضرورة الحفاظ على هذا المورث الثقافي لمجتمع الصحراء و صونا للذاكرة التي يعيرها الاهتمام البالغ ، قرر تخصيص ميزانية لهذا المشروع الذي يشرف المدينة و أجيالها القادمة ويراه أرضية صلبة كمرجع للدارسين و الباحثين عن الأصالة الصحراوية .
و الذي يعز في النفس ويدعو للاستغراب ، أن هذا المجلس الموقر لم يكلف نفسه عناء دعوة شيوخ المدينة الذين عاصروا حقبة الاستعمار الإسباني و الذين لا يزال الكثير منهم على قيد الحياة بكامل قواهم العقلية ، قصد المشورة و التزود بالخبر اليقين عن الأسباب التي دعت السلطات الإسبانية لتشييد هذه البناية مجسدة في صورة السفينة التي لا ترضي سوى أصحاب الاستلاب الحضري .
إننا ومن منطلق الإشفاق على هذا المجلس الذي لم نعد نعرف هل يمثل ساكنة طانطان أم المرحلون لجزر الكناري ، نخبره وبتزكية شهود تلك الحقبة أن هذه السفينة التي بنيت سنة 1942 تحت إشراف الحاكم آن ذاك "بينار" و الذي بالمناسبة نعرف أنه يتكلم الحسانية ، ما هي إلا مركزا للضيافة مجهزا بمسبح وحانة للخمر يتخذه المسؤول الحاكم مصدرا لراحة و استجمام كبار الوفود الاسبانية القادمة من جزر الكناري مع خليلاتهم للوقوف على نسبة تقدم الخدمة بخصوص الشأن السياسي بالمنطقة .
حيث عادة ما يمكثون الأسابيع في المرح و الاستمتاع حتى تمر فترة الزيارة ، ويتولى حراستهم كبار السن من الصحراويين يتخذون موقعا بعيدا عن المركز بأمتار معدودات حتى لا يعلمون بما يقع داخل البناية .
واحتياط من ردود فعل ساكنة الخيام المتناثرة باذراع الخيل .
أما الشبان الصحراويين فيمنع عليهم مطلقا القرب من السفينة إلى درجة أنه تم تنصيب مجموعة من الاكواخ خاصة بالأمن العسكري المسمى ( الترسيو) ضرءا لكل الطواريء التي قد تحدث من هؤلائي الأخيرين .
و يشرف على هذه الكتيبة ضابط إسباني من رتبة ملازم أول يسمى " بيوريا" اطلق عليه الصحرويون إسم "بوتشيشية" نظرا لتسريحة رأسه المتقدمة .
إن هذا الحدث الذي ينوي المجلس الاقليمي لطانطان القيام به بخصوص ترميم البناية محل الذكر ليعد سابقة خطيرة لا تنم عن ثقافة أهل الصحراء ولا عن القيم الدينية المتشبثين بها ومن شأن ذلك أن يساهم في إضفاء الشرعية على عقلية الاستعمار التي كانت غير مرحب بها والتي لاقت من المقاومة الصحراوية ماعجزت عنه الترسانة العتادية لبينار أن تنال منه قيد أنملة .
وعليه فإننا ندعو المجلس الموقر أن يراجع قراره الذي لا يشرف المدينة و لا أهلها ولا يمكن أن يدخل إلا في خانة تلويث الموروث الثقافي الصحراوي البعيد عن كل الشبهات و النقي ، المبني على العقيدة الاسلامية التي لن يقبل عنها المجتمع الصحراوي بديلا أو مزايدة .
واحتراما لهذا الشعور يجب سحب هذا المشروع المشين للثقافة الصحراوية ومميزاتها . و خوفا لا قدر الله أن ينسل أبناء و أحفاد المستعمرون السابقون ضمن زوار المواسم القادمة ليحيوا ذكرى أجدادهم بالبناية التي يعتبرونها مفخرة لارتباط الشخصية الاسبانية بالبحر اينما حطت الرحال تشرع في تشييد السفن و لو تجسيدها حجرا كما هو الحال بالنسبة لمدينة طانطان المغروسة فيها سفينة سيدنا "بينار" أظن أن الرسالة قد وصلت.
Zamharir Saadani