صحراء نيوز - طانطان
وجه قد لا يغيب عن الذاكرة الصحراوية بطانطان منذ عهد عام " اسحاب الغجرة " حيث كان الرجل ملازما ليل نهار خيام المرضى والاطفال الرضع وكأن القدر ساقه رحمة للمعذبون في الارض في بلدة اقل ما يقال عنها انها خلقت يتيمة العيش الانساني . لم يكن الاستعمار الاسباني في مستوى اخلاق مسؤولية المحافظة على ارواح من نهب خيراتهم الطبيعية ليبني مجده في ارض استولى عليها بجبروت قوة هولاكو و اتباعه . لا يهمه من ساكنيها إلا ماتجود به عليه برمالها الذهبية وبمعادنها الثمينة و شواطئها الخلابة .
لقد ادرك هذا العملاق انسانيا وهو القادم من جبال الريف ان النصارى ملة واحدة اين ما رحلوا و ارتحلوا لذلك إختار ان يوزع قلبه على هؤلاء الابرياء من الضعفاء تحت قساوة طبيعة الفيافي ، فجند كل طاقاته وكان بحمد الله ذو تركيبة جسمانية مؤهلة لكل التحديات . لا يعرف كللا ولا مللا من أجل السهر على مرضاه . يقينه في الله كبير وواثق في قدرته بعد الله ان الشفاء و إبعاد الداء عن الغلابة ميسر بحوله تعالى .
إنه محمد ولد عبد السلام الروطابي الملقب عند اهل الصحراء با لروبيو . اشتهر هدا العائد من الضباب بحقنة الذراع المرسومة حاليا على أذرع من عاصروا عام الجدري الذي كاد ان يقضي على ارواح القاطنين . حاولت شرذمة القبطان " بينار BAYENAR بعد أن شعرت أنها راحلة امام ضربات ابطال المقاومة و جيش التحرير من أبناء الصحراء ان تاخذ معها طبيب الغلابة لجزر الكناري قصد الالتحاق بمستشفياتها المجهزة بكل ما يغري طالب المعرفة لتعزيز القدرات الطبية . إلا ان غظنفر زمانه كانت جوارحه وإنسانيته أقوى من كل المغريات ليختار خيام الشعر والوبر عشقا عن عمارات اعداء الاخلاق . رحل الاسبان بلا رجعة و بدئت مسيرة الرجل مع التطبيب في مدينة تفتقر لكل ما يمكن ان يساهم في تخفيف آلام السكان . بناية خلفها الراحلون لا تتسع حتى لأفراد عائلة مصابة . ورغم حدود الامكانيات التجهيزية ، لم يثنيه ذلك عن مزاولة المهام تحديا سواءا في المركز الضيق او منزله المتواضع الذي كان يستقبل فيه مرضاه مرددا كلمة "صاحبو" كعلاج نفسي قبل الشروع في قلع الاسنان . إنه المرحوم الروبيو طبيب مدينة طانطان الذي ستكون لنا معه ان شاء الله رحلة الإنصاف في ذاكرة طانطان بالتفصيل مستقبلا . فاللهم ارحمه و اغفر له و اجعل ثواب ما قدمت يداه في سجل حسناته انك مستجيب الدعاء ولنا عودة في مناقب المرحوم.