الصحراء نيوز - بقلم : عبد الله بارك الله *
إن المتتبع لمراحل النزاع يستكشف انه مع مرور الزمن يتأكد لدى الجميع إن الحلول المستوردة من الخارج لن تقدم جديدا لأنها بكل بساطة لم تكن نابعة من الإرادة الشعبية ولا تخدم المصلحة العامة لشعوب المنطقة هذه الأخيرة التي أصبحت معطلة نتيجة لمزاج هذه الأنظمة او البعض منها فمنذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية 30 يوليوز1975 الرأي المشؤوم الذي عبر عن ذلك الاختلال في الإرادة الدولية آنذاك هذا الغموض ترك الصورة غير واضحة ربما لوجود نية مبيتة من طرف أطراف دولية نافذة انذاك لابقاء الحل مبهما لحاجة في نفس يعقوب هذا ما لم تدركه الحكومات السابقة فالحلول المقترحة" المستوردة " منذ وقف اطلاق النار سنة 1991 تتلخص في اربعة اقتراحات :
1- تنظيم استفتاء في المنطقة
2- منح حكم حكم ذاتي للصحراويين ضمن السيادة المغربية
3 - تقسيم الصحراء بين المغرب والبوليساريو
4- انسحاب الأمم المتحدة وترك النزاع لحاله
فهي حلول مبتورة وبالتالي علينا أن نستخلص الدروس والعبر ونتحمل مسؤولياتنا كأنظمة معنية بالدرجة الأولى وان نشيع ثقافة الإصلاح والصلح وان نغلب لغة الحوار وان نؤمن بان مصيرنا مشترك شئنا أم أبينا فعندنا من العوامل التاريخية والجغرافية والثقافية والدينية ما يمكن اعتباره أساسا متينا لتقوية وحدتنا المغاربية بدل إشاعة التنافر والترويج للخطابات العدائية والكراهية لبعضنا البعض ولتنذكر قول الله عز وجل "إنما المومنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون"
لابد ان نتوفر على آليات لحل مشاكلنا الداخلية والإقليمية وفي نظري لا نحتاج إلى وسيط أو مترجم.
ولابد أن نقرا الواقع ونفهمه بغية الوصول الى الهدف وعلينا أن نفهم كمغاربيين انه في كل مرحلة زمنية معينة هناك عوامل وأولويات إستراتيجية معينة تؤثر بشكل او باخر على مسيرة النزاع من طرف اطراف دولية واقليمية فالافق الضيق في التخطيط في هذه الفترة المرحلية و الانغلاق والتشبث بالمواقف الجامدة التقليدية والتي لا تخدم مصالح هذه الشعوب المغاربية المتعطشة الى قيام هذا الاتحاد الذي تنصهر فيه كل هذه الابداعات والطاقات الشابة الواعدة التي تهدر بسبب هذا النزاع اللعين.
ان الجراة التي لامسها المجتمع الدولي والمتمثلة في مبادرة الحكم الذاتي التي اعلن عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد المسيرة الخضراء نونبر 2005 هي تنازل استراتيجي من قبل الحكومة المغربية من اجل تحريك المياه الراكدة وتجاوز حالة الجمود الراهنة "وهي مبادرة جدية وواقعية" كما وصفها قرار فالسوم 1813 وهي حل وسطوبالامكان اعتبارها استقلالا اي اندماجا غير مشروط.
فتقرير المصير لا يكتسي مضمونا واحدا بل متعددا وهو مقترح نابع من ارادة رسمية وشعبية اقتداء بالتجارب المجاورة - اسبانيا نموذجا- ومحاولة لانهاء المأساة الإنسانية ولم شمل الأسر الصحراوية في احضان هذا الوطن كفانا من حياة اللجوء لقد دفع ثمنا باهظا في ما مضى ولا يمكن دائما أن ننعت باننا حجر عثرة امام طموح مشروع لشعوب المغرب العربي فلا يمكن في نظري أن يبقى الانسان الصحراوي مشردا ليس هذا قدرا محتوما ا وان يبقى ضحية لصراعات خفية بين قوى اقليمية ودولية لا ناقة له فيها ولا جمل وعليه ان يدرك اكثر من اي وقت مضى بان الانسان قبل الارض .
وتبقى مبادرة الحكم الذاتي كانجح الحلول التي تفرض نفسها ويراها الكثير من المتتبعين لاطوار هذا النزاع مغرية وجديرة باهتمام اي صحراوي واخيرا على المغرب ان يطبقها ولو تدريجيا وذلك بتضمينها في دستور المملكة وذلك تفاديا لتلك الحلول المستوردة او المفبركة او التكتيكية من البعض ويمكن القول ان المبادرة احسن من ردة الفعل وفي اجماع دولي حول فشل جميع المجهودات المبذولة سابقا يبقى السؤال المطروح هل إبقاء ملف الصحراء مفتوحا هو هدف في حد ذاته لدى البعض؟
*خريج المدرسة الوطنية للادارة بالرباط ، باحث في العلاقة الدولية.